موضوع: العالم :(أبو المؤثر الصلت بن خميس الخروصي) . الثلاثاء أكتوبر 11, 2011 3:54 am
أبو المؤثر الصلت بن خميس الخروصي
<P align=center> <P align=center><B>العالم أبو المؤثر الصلت بن خميس الخروصي) . <BLOCKQUOTE>الشيخ أبو المؤثر الصلت بن خميس الخروصي هو العلامة الفقيه أبو المؤثر الصلت بن خميس الخروصي البهلوي –رحمه الله- مسكنه بُهلا التي أنجبت علماء كثيرين كما سيأتي ذكرهم إن شاء الله تعالى[31].
أما الخروصي فهو نسبة إلى بني خروص أحد بطون الأزد في عمان ويرجعون إلى خروص بن شاري بن اليحمد وإليهم ينسب وادي بني خروص في منطقة الحجر[32].
والشيخ أبو المؤثر –رحمه الله- من علماء القرن الثالث الهجري، وكان أعمى البصر إلا أنه كان واسع العلم كما تشهد له آثاره العلمية بذلك وهو من تلاميذ الشيخ محمد بن محبوب بن الرحيل[33].
وكان الشيخ أبو المؤثر[34] ممن حضر بيعة الإمام الصلت بن مالك الخروصي سنة 237ه، يقول الشيخ أبو المؤثر: كنا في المشورة لما مات المهنا، فوقع في ثوبي دم، قال: فذهبت أغسله فرجعت وقد بايعوا للصلت، أو قال: قد انقطعت الأمور فسأل، أو قال لي –يعني أبا عبدالله- أين كنت أو ما أخرجك من الناس؟ فقلت: وقع في ثوبي دم فذهبت أغسله فاستتابني.
بدأ اسم أبي المؤثر يظهر في الأحداث في أواخر إمامة المهنا بن جيفر (226-237ه/840-851م) فعندما حاول بعض العلماء وعلى رأسهم محمد بن محبوب البراءة من الإمام مهنا بسبب بعض الأحداث التي صدرت من القتل وسفك الدماء وكتبوا رسالة بهذا المعنى لإعلانها أمام الرعية إلا أن أبا المؤثر استطاع اقناعه بالعدول عن هذا الأمر وذلك لما سينتج عنه من تفرق الأمة[35].
والشيخ أبو المؤثر هو أحد العلماء الذين حضروا بيعة الإمام الصلت بن مالك الخروصي، وذلك بدليل الحديث السابق عنه عندما وقع في ثوبه دم بعد موت الإمام المهنا وأراد غسله.
يذكر الدكتور جاسم ياسين[36] في تحقيقه لكتاب (الأحداث والصفات) للشيخ أبي المؤثر ما يلي: "ويبدو أن مشاركة أبي المؤثر في عملية انتخاب الإمام هي محاولة للمحافظة على التوازن القبلي في حكومة الإمام، فقد جرى العرف على أن يكون الزعيم الديني وصاحب المشورة للإمام من بني سامة بن لؤي (النـزارية) وغالبا ما يتولى منصب قاضي الإمام وأن يكون الإمام من الأزد (اليمانية) وذلك منذ قيام الإمامة الإباضية الثانية في عام 177ه/793م، والذي جرى في عملية انتخاب الصلت بن مالك، إن أغلبية المشاركين من النـزارية وبزعامة محمد بن محبوب القرشي، ولهذا فإن وجود أبي المؤثر الخروصي لتهدئة خواطر اليمانية كون استئثار الطرف الأول بأغلبية الممثلين في مجلس الشورى"[37].
نجد من خلال هذه المقولة دور الشيخ أبي المؤثر في عملية المحافظة على وحدة المجتمع العماني وخاصة من أنه منقسم إلى نـزاري ويماني وكثيرا ما قامت الحروب الطاحنة بين الفريقين على مر التأريخ العماني في تلك الفترة، وقد قام الشيخ أبو المؤثر بتهدئة الأمور بين النـزارية واليمانية وذلك باختيار الأعضاء النـزاريين له ولهذا المنصب حتى لا يتم ترشيحه للإمامة أو قضائها في المستقبل وهذه خطة ذكية من النـزاريين في محاولة جعل دور الشيخ أبي المؤثر محصورا في المشورة فقط[38].
ويقال أن عمان رجعت في ذلك العصر –أي في عصر أبي المؤثر- إلى أصم وأعمى وأعرج، فكان الأصم هو العالم أبو جابر محمد بن جعفر، والأعرج هو العالم أبو عبيدة نبهان بن عثمان، والأعمى هو أبو المؤثر –رحمهم الله-[39].
قال بعضهم: أخبرني أبو الحواري أنه سمع أبا المؤثر الصلت بن خميس –رحمه الله- يملي كتابا من لسانه على رجل من أهل بلده من دوس[40] بُهلا ممن شهر فسقه في البلد على ما يقال أنه كان يعين الظالمين على ظلم العباد، فكتب إليه أبو المؤثر –رحمه الله-: "حياك الله وحفظك"، قلت لأبي المؤثر حين ذلك: أليس حياك الله ولاية، فأقبل علي مغضبا وقال: "قد قيل إن للرحم تقية وللجبار تقية" هكذا روى لي أبو الحواري عن أبي المؤثر رحمه الله..اه[41].
هذا وإن دل على شيء فإنما يدل على سعة علم الشيخ أبي المؤثر بالولاية والبراءة، وكذلك يتضح من خلال الرسالة محاولة الشيخ على درء الفساد بالكلمة الطيبة، فهو يقول الكلمة الطيبة في البداية قبل التهديد والوعيد، فيقول للظالم (حياك الله وحفظك) ولم يقل: طردك الله من رحمته مثلا، وذلك حتى لا ينفر هذا الظالم عن الرجوع إلى الحق، وكلمة (حياك الله وحفظك) يقولها الشخص الذي يتولاه وليس للذي يتبرأ منه وإنما أراد بها الشيخ التقية كما ورد في حواره مع أبي الحواري.
ومن مروياته – رحمه الله - : "حدثنا محمد بن محبوب[42] أن جدة أبيه وهي أم الرحيل قد كبرت في السن حتى أنها لم تستطع الصوم، فسألوا جابر بن زيد إمام المذهب عن حال المرأة وفتواه فيها فأمرهم أن يصوموا عنها بعد الانتهاء من شهر رمضان ففعلوا ذلك[43].
كذلك ذكر الشيخ البطاشي في إتحافه الجزء الأول كلاما عن الشيخ أبي المؤثر عن شيخه محمد بن محبوب عندما كان يسلم المشركون على يديه –وأحب أن أنقل هذه المقولة وسنحاول تحليلها بشيء من الإيجاز خوف الإطالة-.
"وقال أبو المؤثر أيضا، كان محمد بن محبوب يدخل المشركين في الإسلام وأنا حاضر –قال- وكان يقول لهم: قل أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأشهد أن ما جاء به محمد بن عبدالله فهو الحق المبين كما جاء به مما أمر ونهى عنه من محارمه وأن ثواب أهل الطاعة لله رضاه وهو الجنة، وأن عقاب أهل معصيته سخطه وهو النار، وقد دخلت في الإسلام بجملته وقد خرجت من الشرك بجملته وقد خلعت كل معبود من دون الله ولا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله" فلما تلاه عليه هذا القول سماه باسم غير اسمه الذي يسمى به في الشرك ويقول له: هذا اسمك، وكان مما سماهم به هندي ومنيب وصالح وسليمان، هذا مما حفظت مما كان سماهم به، ثم قال: اذهبوا فصلوا وقولوا: سبحان الله في قيامكم وركوعكم وسجودكم حتى تعلموا، وكان يقول لهم اتقوا الأنجاس مثل الغائط والبول، وكان يلقنهم كلمة كلمة، قال: وكان محبوب يقول: قل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن جميع ما جاء به محمد من الله فهو الحق المبين، فإذا أقر بذلك فقد خرج من الشرك..اه[44].
يتضح من خلال هذا النص الذي يتعلق بتلقين الشهادة للذين يريدون الدخول في الإسلام من الكفار وهو المعمول به حديثا وقديما عند علمائنا الإباضية، ويتضح من خلال النص من أن الشيخ أبا المؤثر كان يسمع لشيخه محمد بن محبوب في تلقين الشهادة للكفار والمشركين، فقد كان البدء في إدخالهم للإسلام بأن ينطقوا بالشهادتين أولا ثم إن هناك جنة لمن اتقى الله وأطاعه، وهناك نار جهنم لمن عصى الله وعمل بما نهى عنه.
ثم قام الشيخ محمد بن محبوب باستبدال أسماءهم في الشرك بأسماء إسلامية، وأمرهم أخيرا بالذهاب إلى الصلاة ويقوموا بتسبيح الله في القيام والركوع والسجود، وكان يأمرهم باتقاء الأنجاس مثل الغائط والبول وذلك لأن المشركين لا يتطهرون من البول والغائط، والإسلام يأمر بالنظافة.
& مؤلفاته
من المؤلفات التي تركها لنا الشيخ أبو المؤثر:
1) البيان والبرهان.
2) رسالة إلى أبي جابر محمد بن جعفر.
3) كتاب تفسير الخمسمائة آية في الحلال والحرام.
4) كتاب الأحداث والصفات.
وسوف نحاول هنا أن نذكر أهم ما تحويه هذه الكتب بقدر الإمكان.
1) كتاب البيان والبرهان رد على من قال بالشاهدين:
يتناول هذا الكتاب في الولاية والبراءة بعد حادثة عزل الصلت بن مالك الخروصي عندما عجز في المشي دون إخلال في السمع والبصر أو العقل، فهو يسوق في هذا الكتاب الآيات القرآنية عن العقيدة ومسألة الإمام وواجب اتباعه، ونجد أن الشيخ أبا المؤثر هو زعيم الفرقة الرستاقية التي تنادي بالبراءة من موسى وراشد اللذين كانا زعيما مسألة عزل الإمام الصلت بن مالك الخروصي، وهذا الكتاب جاء بعد كتابه الأحداث والصفات الذي يتناول بشكل مفصل البراءة من موسى بن موسى وراشد بن النظر وجاء بأفعالهما الشنيعة في العمانيين، كما سنتناوله في محله إن شاء الله تعالى.
ولمن أراد أن يطلع على كتاب (البيان والبرهان رد على من قال بالشاهدين) عليه بمراجعة كتاب السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، الجزء الأول ص149[45].
2) رسالة إلى أبي جابر محمد بن جعفر الأزكوي[46]:
هذه الرسالة هي من الشيخ أبي المؤثر الصلت بن خميس الخروصي إلى الشيخ أبي جابر محمد بن جعفر صاحب كتاب (الجامع) وهذه الرسالة يتضح من خلالها رد من الشيخ أبي المؤثر في البراءة من موسى بن موسى وراشد بن النظر إلى أبي جابر محمد بن جعفر يرد عليه كثيرا ويخطئه في أشياء كتبها إليه[47].
فبعد ذكر في مقدمة الرسالة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واتباع سنة النبي عليه الصلاة والسلام يدخل في الموضوع وهو تخطئة الشيخ أبي جابر في أمور متعددة فمن ضمن ما قاله فيها: "أما بعد، فإن الأخبار فيك تطول، والأحاديث فيك تقول، والقول فيك يتسع، والأمر فيك يرتفع، إلا أنا نضرب على الأكثر، ونكتفي بالأيسر لعلنا نرى منك توبة أو إنابة أو رجعة إلى الحق، واعلم بأن الله سائل عما أنت قائله وموقفك مما أنت فاعله.." ثم يقول في موضع آخر: "…وأنت تأمر بالخذلان وترك الجهاد في سبيل الله، وتخذل المسلمين عن حرب عدوهم، فنعوذ بالله أن نكون من شيعة الشيطان وحزبه.. الخ" ونجد الشيخ أبي المؤثر يسوق الآيات القرآنية والروايات عن النبي عليه الصلاة والسلام وعن الصحابة بعد كل أمر يخطئه فيه[48].
3) كتاب تفسير الخمسمائة آية في الحلال والحرام:
لم أحصل على هذا الكتاب إلا إنني وجدت مرجع هذا الكتاب عندما ذكر محقق كتاب (الأحداث والصفات) للشيخ أبي المؤثر، وذكر مؤلفات الشيخ وعندما ذكر هذا الكتاب كتب مرجعه ما يلي[49]:
البرادي، رسالة في تقييد كتب الإباضية، ملحق مع كتاب آراء الخوارج لعمار طالبي، 1/286.
إلا أن هذا قد يقرأ من عنوانه، فعنوانه واضح وضوح الشمس وهو كتاب في التفسير لا غير، قام فيه الشيخ بتفسير خمسمائة آية من القرآن الكريم تتعلق بأحكام الحلال والحرام، فمن المعلوم أن القرآن الكريم جاء دستورا للأمة الإسلامية وضع فيه المعاملات وغيرها من الأمور، فالشيخ أبي المؤثر قام في هذا الكتاب على ما أظن بتفسير الخمسمائة آية في الحلال والحرام.
وإذا استطعت الحصول على نسخة من هذا الكتاب سيفيدنا في هذا البحث لمعرفة محتوى هذا الكتاب، وما هي الآيات التي شملها هذا الكتاب.
4) كتاب الأحداث والصفات:
بما أن الشيخ أبي المؤثر الصلت بن خميس قد عاصر الإمام الصلت بن مالك والإمام عزان بن تميم، نجد أن الشيخ أبا المؤثر قد ألف هذا الكتاب بعد عزل الإمام الصلت بن مالك الخروصي يتبرأ فيه من موسى بن موسى وراشد بن النظر وهو بالتالي زعيم الفرقة الرستاقية التي تنادي بالتبرؤ من المذكورين ومن أخذ برأيهما.
ونجد في الكتاب أيضا أن الشيخ أبي المؤثر يسرد العديد من الحجج والآراء المضادة لموسى وراشد وذلك من أجل الدفاع عن الإمام الصلت بن مالك، ومناقشة هذه الحجج ومحاولة إفحامها، كذلك يعتمد الشيخ في كتابه على أدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وسيرة الصحابة من أهل الحق والاستقامة من أيام الفتنة إلى عهده[50].
أما عن محتويات الكتاب فهو يحتوي على[51]:
1- بيعة الإمام الصلت بن مالك والأشخاص الذين قاموا بها.
2- بداية ظهور المعارضة للإمام من لدن موسى بن موسى وأسبابها.
3- يستعرض الشيخ الحوادث التي احتج بها المعارضون للصلت.
4- يعطي تفصيلات عن ولاة الصلت وسيرتهم في عمان.
5- زحف المعارضة إلى الصلت وكيفية اعتزاله.
6- بيعة راشد بن النظر.
7- سيرة المعارضين وأعمالهم في عمان.
8- معركة الروضة بزعامة نصر بن منهال العتكي.
9- معركة الرستاق بزعامة شاذان بن الصلت بن مالك.
10- أعمال التخريب والقتل في نواحي عمان بسبب هذه المعارك.
11- دور القبائل في تسيير الأحداث.
12- الأضرار التي لحقت بعمان وخصوصا صحار المدينة التجارية.
& أهم الأحداث التي وقعت في زمانه
لقد عاصر الشيخ أبي المؤثر ثلاثة أئمة وهم:
- الإمام المهنا بن جيفر (226-237ه) وكان له دور في نصيحة الرعية بالعدل عن رفع الإعلانان للبراءة من الإمام[52].
- عاصر الإمام الصلت بن مالك الخروصي، وكان هو واحد من مجموعة من العلماء المبايعين للإمام إلا أنه لم يحضر البيعة بسبب أنه ذهب ليغسل ثوبه من دم أصابه بعد موت الإمام المهنا بن جيفر[53].
وقد عاصر الشيخ أبو المؤثر كافة الأحداث في عصر الإمام الصلت بن مالك من توليته إلى عزله، وقد دافع الشيخ أبو المؤثر عن عزل الإمام الصلت بن مالك، وعاصر الأحداث التي لحقت بعمان من جراء تولية راشد بن النظر للإمامة.
- عاصر الشيخ الإمام عزان بن تميم (277-280ه) وقد اشترك الشيخ أبو المؤثر في عملية انتخابه، فشهد الأحداث الدموية التي وقعت بين الإمام عزان وبين أنصار موسى بن موسى بعد مقتل موسى، ثم بعد ذلك موقعة القاع 278ه، ثم قدوم ابن بور إلى عمان وتخريب الأفلاج والقرى[54].
- عاصر كذلك إمامة الصلت بن القاسم الخروصي 285ه.
- عاصر هجوم القرامطة على عمان وخاصة الهجوم الأول 287ه، والثاني حوالي 305ه[55].
& وفاته
كان مولد الشيخ أبي المؤثر في بُهلا إلا أن وفاته كانت في نـزوى، فقد كان مسكنه بالعقر بنـزوى وله بها مسجد ينسب إليه، ودفن بالعقر قرب باب مؤثر[56].
ويبدوا من خلال الأحداث التاريخية أن وفاة الشيخ أبي المؤثر كانت قبل سنة 318ه أي قبل الهجوم القرمطي الثالث على عمان[57].
ومن أولاد الشيخ أبي المؤثر خليفة بن الصلت الذي تنسب إليه حارة خليفة بولاية بُهلا[58]، وتشتهر هذه الحارة الآن بصناعة الفخار، ويوجد بها مسجد حارة خليفة.
وكان الشيخ أبي المؤثر يجيز للإمام في الصلاة الذي لا يقدر أن يتورك عليها أن يمدهما إذا تورك[59].
وللشيخ أبي المؤثر كذلك مؤلفات متنوعة في[60]:
1) في التوحيد.
2) في القدر.
3) في الأسماء والصفات.
4) في إثبات الوعيد.
5) في أسماء أهل الكبائر.
6) في قتال أهل البغي والجبابرة.
7) في ذكر الاختلاف في أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام.
ذكر فرق الناس.
9) ذكر أصحاب من يبرأ منه من أصحاب النبي عليه السلام، وغيرهم من الرجال المسلمين.